لقد تغیر الزمن حقاً، فلم یعد الأبناء کما کانوا فی السابق ولم تعد المدرسة محصورة فی جدرانها التقلیدیة، حیث أمست وسائل الارتباط منافساً جاداً للمدرسة فی مجال التربیة والتعلیم. إذن لماذا یجب على المعلمین أن یحصروا أنفسهم فی أدواتهم التقلیدیة السابقة؟ فالأبناء یتوقعون منا نحن المعلمین أن نعدو معهم فی "العالم الرقمی" ویمسک بأیدیهم فی هذا العالم فهل نحن مستعدون؟..
نشیر فیما یلی إلى أهم التحدیات التی تواجه المعلمین أو قطاع التعلیم فی هذا العصر الذی یسمى بـ "العالم الرقمی":
التحدی الأول: سریة البیانات: ماذا نفعل بالمعلومات الشخصیة المنتشرة على المواقع الالکترونیة؟
إن العالم الرقمی هو عالم "تخزین" ونقل المعلومات، حیث أن جمیع المواقع الالکترونیة فی العالم الافتراضی تراقب وتخزن المعلومات التی تعود للمستخدمین لهذه المواقع، بل حتى تلک المواقع التی لا تحتاج إلى إدخال اسم المستخدم ورمز الدخول فی الموقع لتقدم خدماتها له، تعمل بأشکال مختلفة ومتفاوتة على التعرف على مراکز الاتصال والمدة الزمنیة التی یستغرقها کل اتصال وکیفیة التصفح والمدة الزمنیة المستغرقة لذلک من قبل المستخدمین على صفحات الموقع.
من التحدیات الدائمیة التی تواجه مستخدمی المواقع الالکترونیة والمشاکل التی یواجهها هؤلاء المستخدمون مع شرکات تقدیم الخدمات الانترنتیة یکمن فی قدرة هذه المواقع على الوصول للمعلومات الشخصیة للمستخدمین. وخلال السنوات الأخیرة استغلت هذه المواقع هذه المعلومات لابتزاز المستخدمین مما أثیرت الکثیر من علامات الاستفهام والضجیج بشأن هذه المواقع وانتشرت الکثیر من الأخبار حول هذا الموضوع منها: أزمة الاستفادة اللاقانونیة لشرکة "کمبریج آنالیتیکا" فی انتخابات عام ٢٠١٧فی أمریکا من المعلومات الخاصة المرتبطة بأکثر من ٨٠ملیون مستخدم على الفیسبوک مما جعل مدیر الفیسبوک یقدم اعتذاره الرسمی خلال أحد اجتماعات الکونغرس الأمریکی.
فی أیار ٢٠١٨وبعد سنوات من النقاش والمراوغة، تم تنفیذ بنود "المقررات العامة لصیانة البیانات" المعروفة بـ" "GDPRفی الاتحاد الأوروبی، حیث أرغمت طبقاً لهذه المقررات جمیع الشرکات الصغیرة والکبیرة المختصة بتقدیم الخدمات الانترنتیة على إصلاح أسلوب وظروف صیانة البیانات والمحافظة على سریة المعلومات الخاصة العائدة للمستخدمین وفرض رقابة شدیدة على خروج البیانات من مواقعهم الالکترونیة. ولأنه لم یتم التأکد حتى الآن بشأن مدى فاعلیة هذه القوانین المشددة بالأخص مقررات " "GDPRفی صیانة بیانات المستخدمین، لذا فإن أفضل عمل ینبغی القیام به بهذا الشأن هو أن نصون معلوماتنا الخاصة ونفهم جیداً ونُ ِ فهم أبناءنا وتلامیذنا
ونعلمهم أنه لا معنى لوجود "معلومات خاصة أو شخصیة" على المواقع الالکترونیة.
یمکن تقسیم البیانات التی نضعها على المواقع الالکترونیة إلى القسمین الآتیین دون النظر إلى مجال الوصول إلیها أو کونها قاعدة ارتباط:
- معلومات عامة معلن عنها: وتشمل المعلومات التی نضعها طبقاً لإرادتنا ورغبتنا على صفحات المواقع ّ الالکترونیة ونحم ّ لها هناک لتتم الاستفادة منها من قبل الجمیع مثل صورة الملف الشخصی التی تعرف بالمستخدم ) (Profile Pictureأو التعلیقات التی تکتب تحت الموضوع المنشور على المواقع الخبریة .(Comment)
- معلومات عامة لم یُعلن عنها: وتشمل المعلومات التی نرسلها برغبتنا و اختیارنا لأشخاص معینین دون غیرهم عن طریق المواقع الالکترونیة مثل ) (Emailأو الرسائل ) (Messageأو تلک التی أبرزناها مجبرین )مثلاً حین الدخول فی المواقع أو البرامج( حیث لا یمکن لأی أحد غیرنا أن یصل إلیها أو یطّلع علیها.
إذن ینبغی علینا فی القسم الأول أن نعلّم أبناءنا وتلامیذنا أن لا یضعوا المعلومات الشخصیة والخاصة بهم بشکل تطوعی على المواقع الالکترونیة لیشاهدها الجمیع. ولکن علینا أن لا ننسى أن القسم الثانی من المعلومات من الممکن لأسباب مختلفة أن تکشف وتتعرض لخطر الاختراق فی أیة لحظة ممکنة ، من ضمن تلک الأسباب والذرائع والأدلة نشیر إلى "انتهاک عهد الطرف المقابل،" "الاختراق الأعمى"، "الاختراق الهادف"، "تغییر الضوابط والمقررات القانونیة للطرف الذی یقدم الخدمة الالکترونیة"، "صدور حکم قضائی" وقوانین دولیة" وغیرها. لذلک لابد أن ننتهج سلوکاً معقولاً ننظر من خلاله إلى العالم الافتراضی على أنه لا یوفر مجالاً مناسباً لـ"حفظ" أو "انتقال" أو "نشر" أی نوع من المعلومات الخاصة.
حسین غفاری
المعلم والباحث فی شؤون الثقافة ووسائل الإعلام
والمخطط للدورات التعلیمیة الخاصة بالتربیة الإعلامیة
حیث أن المخاطب الرئیس لهذه المقالات هم المعلمون والمربون الذین یضطلعون حالیاً بمسؤولیة تعلیم وتربیة الجیل الجدید والذین یواجهون تحدیات جادة عدیدة مثل: "سریة البیانات" و"التأکد من صحة المصادر وسلامتها" و"الأبحاث الطلابیة".
باللغه الفارسیه: چالشهای معلمی در دنیای صفر و یکها | چالش اول: محرمانگی دادهها
باللغه الانگلیزیه: Teaching Challenges in the Era of Zeros and Ones | The First Challenge: Data Confidentiality
باللغه الفرانسیه: Les défis des enseignants à l'ère des dunumérique | Le premier défi : la confidentialité des données